تسونامي خفض الفائدة يأتي، والعملات غير الأمريكية ترتفع جميعها: هل ستُهمش الدولار؟

هذه الموجة من ضعف الدولار جاءت بشكل أعمق مما كان متوقعًا. أعلن الاحتياطي الفيدرالي عن خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى نطاق 3.50%-3.75%، وأرسل رئيسه باول إشارة منطقية تدل على احتمال التوقف مؤقتًا في يناير من العام المقبل، لكن السوق كانت قد سبقت التوقعات وراهنّت على وجود مزيد من خفض الفائدة في عام 2026. والنتيجة كانت تراجع مؤشر الدولار (DXY) من أعلى مستوياته، حيث انخفض مؤخرًا دون مستوى 98.313، مسجلًا انخفاضًا بأكثر من 9.38% خلال العام. وبالمقابل، ارتفعت جميع العملات غير الأمريكية مثل اليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري، واستمر سعر صرف USDTWD الذي يهم المستثمرين التايوانيين في الانخفاض، مما يعكس تآكل القوة الشرائية للدولار.

السياسات المنطقية لا تتوافق مع توقعات السوق، والدولار مُقدّر بأكثر من قيمته

من الظاهر أن الفيدرالي خفض الفائدة، لكن المنطق الأعمق يكمن في وجود فجوة بين تسعير السوق واتجاه السياسات. أظهر مخطط النقاط الجديد للفيدرالي توقعًا واحدًا فقط لخفض الفائدة في عام 2025، لكن السوق كان قد قام بتسعير خفضين (حوالي 50 نقطة أساس)، مما أدى مباشرة إلى ضغط بيعي على الدولار. أشار استراتيجي العملات في UBS إلى أن السوق كان يتوقع أن يكون الفيدرالي أكثر تشددًا، لكنه في الواقع كان أكثر اعتدالًا، في حين أن بنك الاحتياطي الأسترالي والكندي والبنك المركزي الأوروبي اتجهوا نحو التشدد، مما أدى إلى تباين واضح — مما جعل ضعف الدولار أمرًا لا مفر منه.

الأكثر إيلامًا هو أن الفيدرالي أعلن مؤخرًا أنه بدءًا من 12 ديسمبر، سيشتري 400 مليار دولار من السندات الحكومية قصيرة الأجل لتعزيز السيولة، مما زاد من ضعف جاذبية الدولار كملاذ آمن. في ظل تردد البنوك المركزية العالمية في تعديل سياساتها، أصبح الدولار من “ملاذ آمن” إلى “عملة ضعيفة”، وبدأ المستثمرون يعيدون ترتيب استراتيجياتهم.

إعادة توزيع رأس المال، وعودة قوية للأصول ذات المخاطر

أكثر المستفيدين من تراجع قيمة الدولار هم أسهم التكنولوجيا. حيث ارتفعت أسهم قطاع التكنولوجيا في مؤشر S&P 500 بأكثر من 20% خلال العام، وأظهر تحليل JPMorgan أن كل انخفاض بنسبة 1% في قيمة الدولار يمكن أن يرفع أرباح شركات التكنولوجيا بمقدار 5 نقاط أساس، وهو أمر مفيد بشكل خاص للشركات متعددة الجنسيات، حيث يعزز ضعف الدولار من القدرة التنافسية للصادرات ويخفض تكاليف الاقتراض.

أما الذهب فهو المستفيد التقليدي من التحوط، حيث ارتفع بنسبة 47% خلال العام، متجاوزًا مستوى 4200 دولار للأونصة، مسجلًا أعلى مستوى على الإطلاق. وشراء البنوك المركزية لأكثر من 1000 طن (بقيادة الصين والهند)، وتدفقات الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) التي زادت بشكل كبير، كلها عوامل عززت الطلب على التحوط من التضخم مع ضعف الدولار.

أما الأسواق الناشئة فهي أكبر المستفيدين من هذا الاتجاه — حيث ارتفع مؤشر MSCI للأسواق الناشئة بنسبة 23% خلال العام، واستفادت الأسهم في كوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا من أرباح الشركات القوية وانخفاض الدولار. وارتفعت عملات الأسواق الناشئة مثل الريال البرازيلي، وأشار بحث غولدمان ساكس إلى أن ضعف الدولار أدى مباشرة إلى تدفقات رأس المال إلى سندات وأسهم الأسواق الناشئة. وبالمقابل، فإن عملات مثل USDTWD في آسيا حصلت على دعم أيضًا نتيجة لذلك.

لكن المخاطر تتصاعد أيضًا

التأثيرات المتسلسلة غالبًا ما تكون سلاحًا ذا حدين. ضعف الدولار يدفع أسعار السلع مثل النفط (الذي ارتفع بنسبة 10% خلال العام) إلى الارتفاع، مما يزيد من مخاوف التضخم؛ وإذا كانت سوق الأسهم الأمريكية متضخمة، فإن تقلبات الأصول ذات المعاملات العالية ستتضخم أيضًا. أظهر استطلاع رويترز أن 73% من 45 محللًا يتوقعون أن يكون الدولار أضعف بنهاية العام، لكن إذا كانت بيانات مؤشر أسعار المستهلك (CPI) لشهر ديسمبر قوية (متوقع صدورها في 18 من الشهر)، فهناك أيضًا خطر أن يرتد مؤشر DXY إلى مستوى 100.

هل سينخفض الدولار حقًا؟ المفتاح في هذين الرقمين

يبدو أن هبوط الدولار الأحادي الجانب يحمل في طياته آلية انعكاس سرية. إذا كانت بيانات CPI والوظائف لشهر ديسمبر قوية (مثل زيادة غير متوقعة في التوظيف غير الزراعي بمقدار 119,000 وظيفة في سبتمبر)، فإن الانقسامات داخل الفيدرالي (ثلاثة أعضاء يعارضون خفض الفائدة في الاجتماع القادم) قد تتجه نحو التشدد، مما يدفع مؤشر DXY للارتداد إلى مستوى 100. أشار خبراء جيفري إلى أن فرصة انعقاد اجتماع ديسمبر بنسبة 50/50، وأن بيانات التوظيف ستكون العامل الحاسم — السوق يبالغ في رد فعله على إشارات سوق العمل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن توسع العجز المالي الأمريكي وتهديد إغلاق الحكومة قد يدعمان مؤقتًا الطلب على الدولار كملاذ آمن، مما يخلق فرصة لارتداد تقني.

ماذا على المستثمرين أن يفعلوا

على المدى القصير، هناك احتمالية أكبر لمزيد من ضعف الدولار، لكن لا تنس أن هذه الموجة من السوق مبنية على رد فعل مفرط. ينصح المحللون بتنويع الاستثمارات بين العملات غير الأمريكية والذهب، ومراقبة فرص العملات الآسيوية مثل USDTWD، وتجنب التعرض المفرط للرافعة المالية، لمواجهة تقلبات السوق. مرحلة إعادة تقييم السياسات النقدية قد بدأت للتو، ويجب أن يعتمد الاتجاه طويل الأمد على عمق تباطؤ الاقتصاد.

شاهد النسخة الأصلية
قد تحتوي هذه الصفحة على محتوى من جهات خارجية، يتم تقديمه لأغراض إعلامية فقط (وليس كإقرارات/ضمانات)، ولا ينبغي اعتباره موافقة على آرائه من قبل Gate، ولا بمثابة نصيحة مالية أو مهنية. انظر إلى إخلاء المسؤولية للحصول على التفاصيل.
  • أعجبني
  • تعليق
  • إعادة النشر
  • مشاركة
تعليق
0/400
لا توجد تعليقات
  • Gate Fun الساخن

    عرض المزيد
  • القيمة السوقية:$3.52Kعدد الحائزين:1
    0.00%
  • القيمة السوقية:$3.51Kعدد الحائزين:1
    0.00%
  • القيمة السوقية:$3.53Kعدد الحائزين:2
    0.00%
  • القيمة السوقية:$3.56Kعدد الحائزين:2
    0.00%
  • القيمة السوقية:$3.53Kعدد الحائزين:2
    0.04%
  • تثبيت